• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

زرع القيم التربوية في نفوس أطفالنا

عمار كاظم

زرع القيم التربوية في نفوس أطفالنا

من الأُمور المهمّة والضرورية هي تربية وبناء شخصية الطفل وثقافته، كذلك طريقة التعامل معه وفهمه في ظلّ المؤثرات والعوامل الخارجية من دخول عالم التكنولوجيا في مفاصل الحياة، وابتعاد الأزواج عن أولادهم جرّاء خروجهم إلى العمل، فهذه كلّها تفترض من الأهل اليوم مراجعة أوضاعهم، وتنظيم علاقاتهم مع أطفالهم، بالشكل الذي يحفظ استقرارهم النفسي، ويُشعرهم بالحنان والعاطفة والتفهُّم من الأهل، في ظلّ ما يُحكى عن الجفاء في العلاقات الأُسرية وحالات التفكّك الأُسري.

على الأهل التعويض على الطفل والاهتمام به نفسياً وثقافياً، والتواصل معه، ومحاولة فهمه، والتفاعل معه عاطفياً، وتخصيص أوقات معيَّنة لقضائها معه، وتخصيص بعض الوقت لأفراد العائلة والأولاد كلّ مساء، للإحساس بالاهتمام وبناء الثقة المتبادلة، فالمهمّ مجالسة الولد ومتابعة أفكاره وتنميتها، وجعله يثق بنفسه، ويكوِّن رأيه، ويعتاد اتّخاذ القرار، فالانفتاح على المجتمع اليوم كبير وواسع، ولابدّ من أن يكون الطفل مستعدّاً على جميع الصُّعد. وعلى الأهل أن يعرفوا كيف يتعاملون مع الطفل، وأن يختاروا أسلوب التربية اللّيِّن والمرِن، والاستماع إلى الطفل ومعالجة مشاكله، ضمن أساليب تراعي عقله ووعيه، وليس الأهل فقط، فالمربّون في المدرسة أيضاً عليهم مسؤولية وواجب في رعاية مشاعر الطفل، والمساهمة بفاعلية في تنمية قدراته، عبر الاستماع أكثر إليه وتفهُّم حاجاته وهواجسه.

والأهمّ هي تأصيل للقيم في واقع الإنسان، ولابدّ من تأصيلها في نفسه في مراحل طفولته الأُولى، إذ تحتاج مجتمعاتنا اليوم إلى أطفالٍ أصحّاء نفسياً وفكرياً، متواصلين مع بيئتهم، غير منعزلين أو منقطعين عنها. والهدف من تأصيل القيم الحسنة، هي بناء الشخصية الإنسانية لتحقيق أهداف الإنسان الكبرى في إطار الفهم الإسلامي. وإعداد المسلم لتحقيق كلِّ الأهداف الإسلامية التي وُضِعت بين يدي الإنسان، سواء على مستوى انفتاحه على الله، أو انفتاحه على الناس، أو على نفسه وما إلى ذلك.

إنّ هدف التربية الأكبر هو إعداد الإنسان المسؤول عن الكون والحياة في علاقته بالله وبالإنسان والحياة.. وعلى الرغم من أنّ الإنسان خُلِق ضعيفاً، لكن لديه قابلية أخذ القوّة، وعلى الرغم من أنّه خُلِق سريع الحركة والانفعال، لكن لديه قابلية الوصول إلى التأني وما إلى ذلك.. فدور التربية إذاً، هو أن تؤسِّس التوازن في شخصية الإنسان بمختلف أبعادها الجسدية والنفسية والروحية والذهنية والاجتماعية، وأن تنمِّي معرفته بالنشاط الذي ينسجم مع مستواه الفكري، أو أن تزرع القيم والمفاهيم داخل شخصيته، بالمستوى الذي يتحوّل فيه الطفل إلى تجسيدٍ حيٍّ لتلك القيم، حيث تقوم تربيته على الصِّدق في شخص صادق، وتربيته على الأمانة في شخص أمين، وهكذا.. إنّ هدف التربية إعطاء القيم وتجسيدها في الإنسان، ونقل القيم من عالم المفاهيم المجرَّدة إلى عالم الحركة الحياتية.

ارسال التعليق

Top